يمكن تعريف الدبلوماسية على أنها فن إدارة العلاقات بين الدول المستقلة من خلال المفاوضات والاتفاقيات والمعاهدات. والهدف الأساسي الذي تعمل من أجله الدبلوماسية هو محاولة إيجاد حلول وسط ترضي جميع الأطراف للحفاظ على حالة السلام فيما بين الدول والحيلولة دون تطور الأوضاع حتى تصل إلى إشعال الحرب، لكن على الرغم من أن هدفها الأساسي هو تحقيق السلام، فإن البعض يرى أنها: "فن انتقاء المعسول من الكلام إلى أن تجد الحجارة التي تقذف بها" أي أنها مجرد وسيلة تستخدمها بعض الدول في حالة عدم استعدادها للهجوم؛ لكسب الوقت قبل أن تقوم بشنّ الحرب.
يعود أصل كلمة "دبلوماسية" إلى قدماء الإغريق؛ حيث كانت تطلق حينها على الرجل كبير السن، ثم انتقلت فيما بعد إلى اللغة الفرنسية لتشير إلى ذلك العمل والنشاط الذي يقوم به المفاوض السياسي. وعلى الرغم من أن الدبلوماسية تبدو وكأنها اختراع حديث نتج عن الأهوال التي شهدتها الكثير من بلدان العالم أثناء الحربين العالميتين، لكن المثير حقًا هو أن الدبلوماسية ذات تاريخ طويل وبالغ في القدم؛ حيث يوضح المؤرخ "ديفيد رينولدز" أن مهنة الدبلوماسي يعود تاريخ ظهورها إلى العصر البرونزي.
وتشير بعض الوثائق -من مملكة (الفرات) في منتصف القرن الثامن قبل الميلاد ومن عهد حكم (إخناتون) لـ (مصر) بعد ذلك بأربعة قرون، بالإضافة إلى خطاب منقوش على لوح حجري يعود إلى قرابة 2500 عام قبل الميلاد عُثر عليه في المنطقة المعروفة الآن بشمال (إيران) -إلى وجود مبعوثين متنقلين بين المساحات الهائلة التي تفصل دول هذا العالم القديم عن بعضها البعض لمناقشة قضايا الحرب والسلام.
أما الدبلوماسية الحديثة في شكلها الذي نعرفه اليوم، فقد كان أول اتفاق دبلوماسي يمثلها هو صلح (وستفاليا) الذي عُقد عام 1648 م ليضع حدًا لحرب الثلاثين عامًا التي قامت في الإمبراطورية الرومانية المقدسة، كما تتمثل الدبلوماسية الحديثة في إنشاء أول وزارة خارجية على يد الكاردينال الفرنسي (ريشيليو) عام 1626 م. ومع التحرر من الملكية والتوجه شيئًا فشيئًا نحو الأنظمة الدستورية والجمهورية، ترسخت فكرة إنشاء السفارات والمفوضيات في العديد من الدول المختلفة كي تتمكن تلك الدولة المستقلة من بحث مصالحها القومية مع الدول الأخرى من خلال توطيد العلاقات الدبلوماسية.
كانت الدولة الوحيدة التي تبتعد عن إنشاء السفارات الدائمة وتكتفي بإرسال المفوضيات هي (الولايات المتحدة)؛ فقد حافظت على سياستها في العزلة حتى عام 1893 م حيث قررت حينها ترقية بعض المفوضيات المهمة إلى سفارات، وبدأت من ذلك الحين المفوضيات في التحول إلى سفارات الواحدة تلو الأخرى حتى تحولت آخر مفوضتين أمريكيتين: إحدهما في (بلغاريا) والأخرى في (المجر) عام 1966 م إلى سفارات.
إن المعاهدات هي الناتج الأساسي لكافة الأنشطة الدبلوماسية؛ فهي تضع النتائج التي يتوصل إليها الدبلوماسيون خلال مفاوضتهم داخل نصوص ونقاط محددة تصبح ملزِمة للدول الموقعة عليها بصورة رسمية. وهناك بعض الشروط التي يجب توافرها في المعاهدات كي تتم في صورة شرعية وصالحة للاعتراف والالتزام بها، من بينها: ألا تكون تلك المعاهدات قد تمت من خلال التهديد واستخدام القوة على أي طرف من الأطراف المشارِكة، كما يجب أن تكون الدولة المشاركة في المعاهدات هي دول مستقلة وذات أهلية وسلطات تخوِّل لها حرية التصرف وقطع العهود والالتزامات.
هناك العديد من الأسباب التي تُبرَم لأجلها المعاهدات من بينها الاتفاق على الدفاع المشترك عن أي طرف من أطراف المعاهدة يتعرض لهجوم مسلح من أي دولة أخرى، أو تسليم المتهمين الهاربين والمُدانين بالجرائم لحكوماتهم، بالإضافة إلى المعاهدات والاتفاقيات التجارية والاقتصادية التي تتضمن خفض التعريفات الجمركية على السلع بين أطراف الاتفاقية، وأشهر تلك الاتفاقيات هي اتفاقية (الجات) التي عقدت عام 1947 م وتضمنت خفض القيود التجارية والجمركية والكمية على من السلع، بينما نجد أن أهم أشكال المعاهدات هي المعاهدات العسكرية والسياسية التي تهدف إلى الحيلولة دون الحرب والعمل على صناعة السلام، مثل ميثاق عدم الاعتداء الذي قام (الاتحاد السوفييتي) بقيادة (جوزيف ستالين) بتوقيعه مع (ألمانيا النازية) بقيادة (أدولف هتلر) عام 1939 م.
وعلى الرغم من أن شرعية ورسمية المعاهدات تجعل نصوصها ملزمة للأطراف الموقعة عليها، فإن ذلك لا يمنع أحد الأطراف من إنهائها سواءً بإشعال الحرب، أو ببساطة من خلال عدم الالتزام بالشروط الواردة بها، كما أن هناك بعض المعاهدات التي تنص في داخلها على وقت محدد أو فترة زمنية معينة تصبح بعدها المعاهدة غير سارية أو ملزمة لأي طرف من الأطراف. وفي مؤتمر (فيينا) الذي تم عقده عام 1969 م بمشاركة 110 دولة، تم وضع ما سُمّي بقانون المعاهدات الذي يضع أحكام وقواعد إبرام المعاهدات وسريانها والالتزام بها وفقًا للقانون الدولي.
اكمل قراءة الملخص كاملاً علي التطبيق الان
ثقف نفسك بخطة قراءة من ملخصات كتب المعرفة المهمة
هذه الخطة لتثقيف نفسك و بناء معرفتك أُعدت بعناية حسب اهتماماتك في مجالات المعرفة المختلفة و تتطور مع تطور مستواك, بعد ذلك ستخوض اختبارات فيما قرأت لتحديد مستواك الثقافي الحالي و التأكد من تقدم مستواك المعرفي مع الوقت
حمل التطبيق الان، و زد ثقتك في نفسك، و امتلك معرفة حقيقية تكسبك قدرة علي النقاش و الحوار بقراءة اكثر من ٤٣٠ ملخص لاهم الكتب العربية الان